ينتظر البرلمان ومؤسسات البلاد عودة سياسية حافلة. ولسبب وجيه...
ففي أكتوبر المقبل، ستفتتح المؤسسة التشريعية السنة الأخيرة من الولاية التشريعية الحالية قبل الانتخابات التشريعية المقبلة. في غضون ذلك، من المتوقع أن تصل مشاريع القوانين الاستراتيجية إلى البرلمان خلال الأسابيع المقبلة، بدءً بقوانين الانتخابات..
وتركز جل مخططات على الإصلاحات الهيكلية الكبرى بهدف تحسين بيئة الأعمال لزيادة الاستثمار والتوظيف وخلق سوق عمل أكثر شمولاً.
وتشمل هذه الإصلاحات معالجة ارتفاع التكاليف والحواجز أمام التوظيف في القطاع الرسمي، وتوضيح الإجراءات، وتعزيز العمليات الرقمية والشفافية في تسوية المنازعات، ووضع اللمسات الأخيرة على الإطار القانوني ورقمنة الخدمات المقدمة لحالات الإعسار.
كما يستهدف التحول الاقتصادي تعزيز شراكاته التجارية والاستراتيجية، مثل اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة وشراكات التعاون مع الصين في مبادرة الحزام والطريق لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى.
فتركيزا على الجانب المالي والتدبيري، كان أن وجهت مؤخرا رئاسة الحكومة مذكرة لمختلف القطاعات الوزارية تدعوها إلى إبداء الراي في "مشروع قانون المالية لسنة 2026، هذا المشروع الذي يشكل مرحلة حاسمة في إعادة التأهيل الشاملة للمجالات الترابية وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، من خلال الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية نحو نهج مندمج للتنمية الترابية، بما يضمن لكل مواطن الولوج العادل إلى ثمار التقدم والتنمية على الصعيد الوطني، دون أي تمييز أو إقصاء"...
وقد حدد خطاب العرش الأخير في نهاية يوليوز 2025 هذه المرحلة: "قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية المقبلة، المقررة في الأجل الدستوري والقانوني العادي، نُصرّ على ضرورة إعداد قانون الانتخابات العامة لمجلس النواب، ليتم اعتماده وعرضه على الرأي العام قبل نهاية العام الجاري. وفي هذا الصدد، أصدرنا توجيهاتنا السامية لوزير داخليتنا، بضمان الإعداد الجيد للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح مشاورات سياسية مع مختلف الأطراف المعنية، وذلك لتحقيق ذلك".
كما أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه الموجه إلى شعبه الوفي، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه الميامين بأنه على الأحزاب السياسية أن تقدم إلى وزارة الداخلية، قبل نهاية شهر غشت، مقترحاتها بشأن الإطار المنظم للانتخابات التشريعية لعام 2026، لدراستها والاتفاق على الإجراءات التشريعية التي سيتم إعدادها وعرضها على المجلس التشريعي خلال الدورة البرلمانية الخريفية المقبلة، تمهيدًا لإصدارها قبل نهاية العام، وفقًا للتوجيهات الملكية السامية.
& الميزانية:
سيجذب مشروع قانون آخر الانتباه مع افتتاح الدورة الخريفية، ألا وهو مشروع قانون المالية لعام 2026.
يُوضع مشروع قانون المالية للسنة بالإشارة إلى خطة الميزانية الثلاثية. وبالتالي، فإن عملية إعداد مشروع قانون المالية للسنة تشمل عدة مراحل.
قبل 15 يوليوز من كل عام، يعرض وزير المالية، في مجلس الحكومة، التقدم المحرز في تنفيذ مشروع قانون المالية الحالي ويعرض خطة السنوات الثلاث لموارد الدولة ونفقاتها بالإضافة إلى الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية للسنة التالية.
يجب على وزير المالية بعد ذلك أن يعرض على لجان المالية في البرلمان الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية للسنة التالية قبل 31 يوليوز.
يتضمن هذا البيان أيضًا تطور الاقتصاد الوطني، وتقدم تنفيذ قانون المالية الحالي اعتبارًا من 30 يونيو، والبيانات المتعلقة بالسياسة الاقتصادية والمالية والتخطيط العام للميزانية الثلاثية.
خلال شهر غشت، يدعو منشور من رئيس الحكومة المسؤولين إلى إعداد مقترحاتهم بشأن الإيرادات والنفقات للسنة المالية التالية. خلال شهري شتنبر وبداية أكتوبر.
تُجمع وتُدرس مقترحات الإدارات الوزارية، لا سيما المتعلقة بمشاريع الإيرادات والنفقات والأداء، في إطار لجان الميزانية وإعداد مشروع قانون المالية والوثائق المرفقة به.
تُحيل الحكومة مشروع قانون المالية للسنة المالية إلى مكتب مجلس النواب في موعد أقصاه 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية.
وفي غضون 30 يومًا من تقديم مشروع القانون، يُقرر مجلس النواب مشروع قانون المالية للسنة المالية.
تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون المالية للسنة المالية 2026 يُحدد، تطبيقًا للتوجيهات الملكية السامية، أربع أولويات رئيسية تُحدد معالم مرحلة جديدة، وفقًا للمذكرة التوجيهية للمشروع المذكور التي أرسلها رئيس الحكومة إلى الإدارات الوزارية.
وتنص هذه المذكرة على أن هذه الأولويات هي: تعزيز بناء المملكة، وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمجالية، وترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، وتسريع الإصلاحات الهيكلية الكبرى، بالإضافة إلى الحفاظ على توازن المالية العامة.
& مدونة الأسرة:
علاوة على ذلك، ستشهد الأشهر المقبلة استمرار النقاش حول مشروع إصلاح مدونة الأسرة.
وقد قدمت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة إلى جلالة الملك، عقب إتمام مهمتها في الأجل المحدد، تقريرًا يتضمن أكثر من 100 تعديل مقترح.
وفيما يتعلق بالمرحلة التشريعية لمراجعة مدونة الأسرة، وما سيليها من مناقشات وتصويت في مجلسي البرلمان، ذكّر جلالة الملك بالمعايير والأسس التي ينبغي أن تحكمها، كما وردت في الرسالة الملكية المذكورة... وهي مبادئ العدل والمساواة والتضامن والتماسك التي ينادي بها الدين الإسلامي الحنيف، بالإضافة إلى القيم العالمية المنبثقة عن الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما شدد جلالة الملك على ضرورة استحضار إرادة الإصلاح والانفتاح على التقدم، التي ارتضاها جلالته بإطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد عشرين عامًا من تطبيق مدونة الأسرة، وضمان حماية الأسرة على المستويات القانونية والاجتماعية والاقتصادية.
أيضًا أكد جلالته على ضرورة فهم مضمون الإصلاح في إطار تكاملي، بحيث لا يُفرّق بين طرفين على حساب الآخر، بل يُعنى بالأسرة المغربية، النواة الأساسية للمجتمع، مما يستلزم تطوير جميع هذه العناصر في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، تفاديًا للتناقضات في القراءات القضائية وحالات التنازع في تفسيرها.
ومن المتوقع كذلك طرح مشاريع قوانين أخرى تتعلق بإصلاح القضاء خلال الدورة القادمة.
وإلى جانب قانون الأسرة الجديد، أعلن المسؤولون عن مراجعة القانون الجنائي، وإصلاح المهن القانونية، ومراجعة الخارطة القضائية.
()مراجعة:
دورة أبريل اختتمت الغرفتان البرلمانيتان الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024-2025 من الولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026) في يوليو الماضي.
وفي كلمة ألقاها بهذه المناسبة، أشار الرئيس رشيد الطالبي العلمي إلى أن اختتام هذه الدورة يتزامن مع احتفال الشعب المغربي بالذكرى السادسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على عرش أسلافه الميامين، مؤكدًا مشاعر الولاء والانتماء لجلالة الملك والتعبئة خلفه. وأعلن الطالبي العلمي أن مجلس النواب صادق على 14 مشروع قانون، من بينها قوانين إطارية، تتعلق على وجه الخصوص بإصلاحات هامة في القطاع القضائي، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان، والاستثمارات، والصحافة والإعلام، بالإضافة إلى استعدادات المملكة للأحداث الرياضية الدولية الكبرى، القادرة على جعلها فرصة لتحقيق نقلة نوعية في مجال التنمية.
فيما يتعلق بتقييم السياسات العامة، أوضح أن هذه الدورة تميزت بمواصلة عمل المجموعات المواضيعية المسؤولة عن التقييم، والتي تفاعلت مع مختلف المسؤولين والجهات المعنية على المستويين المركزي والإقليمي.
ويشمل ذلك تقييم "برامج محو الأمية"، و"الاستراتيجية الوطنية للرياضة 2008-2020"، وتقييم "مخطط المغرب الأخضر".