فضاء الأطلس المتوسط نيوز/محمد عبيد
يتساءل رواد سابقون وشباب حاليون بمدينة إفران لماذا لم تفكر أية جهة لإعادة بناء خزانة بلدية تعويضا للمعلمة/الخزانة التي أُقبرت خلال العقد الأخير من القرن الجاري والتي كانت بمثابة مصدر من المصادر الدفينة.
الخزانة البلدية التي اختفت ذخائرها من الكتب ومصنفات الجرائد والمجلات النادرة الوجود، إذ كان من الأجدر بهذه الخزانة أن تكون ملجأ حتى لزوار المدينة كما عاشته خلال سنوات عديدة منذ منتصف القرن الماضي إلى نهاية القرن 20..
الرواد المحليون الذين كانوا يتزودون منها بما يغذي فكرهم من كتب التاريخ والسوسيولوجيا والجغرافية والأنثروبولوجيا والإثنولوجيا حول القبائل المغربية وأرشيفات البعثة العلمية الفرنسية وكتب الرحلات...
هذه الذخائر بأسماء كتابها المعروفين عند المؤرخين والباحثين سواء منهم المغاربة أو العرب أو العجم...
كما أنه كان من رواد الخزانة البلدية، والذين كانوا يحلون بإفران ولو في عز ايام الثلج، باحثون من خارج سكان المدينة سعيا للحصول على مصنفات الكتب والجرائد النادرة والقليلة النشر، أو المنعدمة في المكتبات ومواقع البيع..
إلا انه منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي وفي ظل شروع وزارة الثقافة في التدخل بل في محاولة السيطرة على شؤون الخزانة ورغم ما كابده آنذاك أحد ابناء المدينة المرحوم محمد العوان الذي أشرف على تدبير القطاع إقليميا من محاولات إحباط جهوده في تنشيط المجال الثقافي والعناية في مجال توسيع القراءة والمطالعة ادى تدريجيا إلى الإجهاز على الخزانة البلدية من قبل القائمين عن الشؤون المحلية خاصة مع ظهور جامعة الأخوين التي زعمت كل الدوائر على أنها ستكون في خدمة شباب المدينة وطلبتها للمطالعة والتزود بكتب مكتبة الجامعة إلا أن أمر الواقع كان عكس ذلك.
إقبار الخزانة البلدية بمدينة إفران تعداه إلى الإجهاز عليها من باب، والإجهاز من أبواب أخرى!!! حينما تثار أنه خلال الولاية الجماعية ما قبل الحالية كان ان اتلفت رئاسة الجماعة مدخرات كتب ومجلدات كانت ان في ملكية الجماعة كان أن وفرتها جامعة الأخوين..
كمية مهمة من الكتب تم إيداعها بمستودع البلدية مخلفة اشمئزازا لما انتهت إليه الحال بمؤلفات جبران خليل جبران وطه حسين والعقاد ودوستويفسكي، وغيرهم... بكارتون بمستودع بلدي!!!
ويحكي أحد قيدومي مدينة إفران قائلا: "أول ما أذكره، أن المكتبة البلدية كانت تتواجد بالكنيسة، حيث كانت دار الطالب أيضا، ثم تم تحويلها لفيلا كانت تقع أمام ما يعرف اليوم بمطعم، بعدها، تم تحويلها حيث توجد اليوم منصة الشباب الرقمية..
مذخرات المكتبة، كان أن جرى تزويدها بصور بالأبيض والأسود تاريخية لمدينة إفران، كانت في ملكية المرحوم الأستاذ التهامي هاشمي، والذي كان أن عرضها على هامش أحد مهرجانات إفران الصيفية في عهد الكاتب العام عبدالكريم بزاع، وقت كان عبدالقادر العشني رئيسا للجماعة بداية التسعينات من القرن الماضي.... المرحوم هاشمي ترك الصور بداخل المكتبة، كانت بأحجام مختلفة وبعدد يفوق 30 صورة... إلى أن تم الكشف عن اختفائها، ونفس المصير حل بالكتب.. إذ هناك من يقول أنها انتهت بمكان مهمول بالمستودع؟! وهناك من يجزم أنها ما تزال بإحدى زوايا مكتب مظلم بمقر الجماعة؟.. يستعمل للأرشيف".
كما يضيف المتحدث: "المكتبة البلدية تعرضت للإهمال في عهد الرئيس عبدالسلام بوالحبيب (القاري) وتم إفراغها من كل محتواها، وكان يروج أن النية كانت تصب في تحويلها لمقهى، إلى أن صارت منصة رقمية للشباب؟!".
ويحكي أحد المستشارين: "في أوائل التسعينات من القرن الماضي كانت الخزانة البلدية بمقر كابسين capicine (فيلا كبيرة كانت لأحد الفرنسيين)، والتي أصبحت فيما بعد حديقة 20غشت قرب مقهى الحاجة جوهرة، ثم بعد ذلك تم نقلها إلى الكنيسة... أما الخزانة التي تم بناؤها فيما بعد هي التي تم قبرها وهي التي أصبحت حاليا منصة للشباب... وأنه في عهد الرئيس هشام عفيفي (من شتنبر 2015 إلى حدود أبريل 2023)، ضاعت مجموعة من الكتب والمجلات المهمة، من بين اسبابها عدم تفعيل الرئيس هشام عفيفي لاتفاقية شراكة كان ان انحزت في عهد العامل الأسبق قاسي لحلو خلال ولاية الرئيس عبدالسلام بوالحبيب (2009-2015)..
اتفاقية شراكة كانت موقعة بين جامعة الأخوين وجماعة إفران والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمديرية الجهوية للثقافة على إثرها كان أن حلصت الجماعة على مجموعة مهمة من الكتب والمجلدات من المديرية الجهوية للثقافة، وحواسيب من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فيما تعهدت الجماعة المحلية لإفران بترمبم وإصلاح المرفق..
إلا أن تلك المجموعة المهمة من الكتب والمجلدات التي كان أن تزودت بها الجماعة سابقا قد تم إهمالها وإتلافها بطريقة غير مسؤولة... وتفيد بعض المعلومات بأن تلك الكتب القديمة والجديدة موجودة حاليا في المستودع البلدي ومقر بلدية إفران ملففة في صناديق (انظر الصور التالية)... الخزانة البلدية كانت توفر للرواد رصيدا معرفيا، لعبت فيه دورا مهما في جمع وتخزين وتثقيف وتكوين روادها، خاصة أنها كانت الفضاء الثقافي الوحيد بمدينة إفران منذ السبعينيات ولربما قبل هذه الفترة...".
وأمام هذه الحكايات والوقائع، انتشر مع بداية العقد الجاري خبر مثير الاستغراب؟ ذلك حين جاء في خبر صحفي بأحد المواقع الإلكترونية خلال يناير 2024 يعلن فيه على أن جماعة إفران برئاسة عبدالسلام لحرار قد أقدمت على افتتاح خزانة بلدية مجهزة بكتب ومراجع متنوعة، وذلك في إطار جهود الجماعة لتشجيع القراءة والبحث لدى ساكنة المدينة، (وفق ما نشرته جريدة "المنبر الإخباري" الإلكترونية في ذلك التاريخ من سنة 2024 )..
ذاك الإعلان أثار استغراب الرأي الشبابي أساسا بالمدينة، في غياب نزول الحدث أرض الواقع!؟! في حين تمت محاولة ترويج مبرر على أن الخزانة تضمها المنصة الإقليمية للشباب، بينما وظيفة هذه الأخيرة تستهدف بشكل أساسي الشباب في إقليم إفران وتمكينهم من الإدماج اقتصادياً واجتماعياً... وبأنها بعيدة كل البعد عما يتم ترويجه من مساهمتها في الثقافة والبحث للراغبين في قراءة الكتب والوثائق.
واعتبر متتبعون ومهتمون بأن الخبر كان فقط تعويما بواقع الحال ومحاولة لتذويب غليان شباب وطلاب المدينة.
ويبقى الجمود الثقافي والفكري بحسب عدد من شباب المدينة يخيم على إفران إلى أجل غير معلوم في غياب أية التفاتة جدية من القائمين عن شؤون المدينة، حيث ينادي المتعطشون لتغذية الفكر، والباحثون في مجالات متنوعة ومضبوطة الإنجاز، بأن يعمد المجلس الجماعي الحالي على مراجعة موقفه بخصوص برمجة بناء الخزانة البلدية وجعلها من أولويات تصوراته ومشاريعه وبرامج عمله، مع الانفتاح على الشركاء الآخرين، كالمبادرة الوطنية للتنمية.. لأن غياب فضاء فكري وثقافي بالمدينة يعتبر مسا وضربا في صميم الناشئة والمجتمع المدني... هذا الأخير الذي ما فتئ ينادي: "أعيدوا لنا بناية الخزانة البلدية!"