
فضاء الأطلس المتوسط نيوز/ محمد عبيد
بداية لابد من تقديم موجز عن مفهوم عبارة "عشاق القول النشاز" وهي عبارة تُشير إلى الأشخاص الذين يحبون قول الأشياء غير المستحبة أو المثيرة للمشاكل، خاصة أولئك المتعصبين للرأي السيئ وهم أشخاص يحبون قول الآراء الخاطئة أو المسيئة، ويعشقون نشرها بين الناس، او مثيري الشقاق الذين قد يستمتعون بإثارة المشاكل والخلافات، وكأنهم "عشاق" ما هو سلبي و"نشاز" في المجتمع.
وهم ما جاء في مقولة مغربية شعبية ب*"قوم يهيمون في القول النشاز"*.
وهذا مثل معروف يعني بأنهم أولئك الناس الذين يتكلمون بكلام غير منطقي أو مخالف للواقع، وكأنهم تائهين في كلامهم بدون هدف.
أصل المثل من الحكمة الشعبية المغربية، وهو يعبر عن الناس الذين كلامهم ليس واضحا أو فيه غموض، فالتعبير عن الفوضى أو سوء الفهم في الكلام.
يعني الأشخاص الذين ليس لديهم فكر واضح ولا كلام مفيد... الكلام المنمق ليس هو البركات"* يعني الكلام الحلو ليست دائمًا له نتيجة طيبة إذا لم يكن صادقا.
هناك مقولة تقول: "بين الاعتدال والجبن هناك خيط رفيع!"، بمعنى أن الاعتدال يفرق فقط بخيط رفيع عن الجبن، والتواضع يبعد بخط صغير عن الذل، والعدل على بعد مسافة دقيقة من الظلم.
المقولة من جهتها تعبر على أن المسافات بين الصفات الحميدة والصفات السلبية أو الضعيفة الدقيقة جدًا، قوتها في الفاصل الرفيع بينهما.
هذا يذكّرنا بأهمية التوازن والحذر في سلوكنا وكلامنا.
فاعتدال السلوك يعبر عن إثنين لا ثالث لهما...
الاعتدال الحقيقي قائم على وعي وعلم وسلام داخلي وإيمان حقيقي ورؤية إنسانية شمولية وقرءاة متمعنة متمرسة لحركة الواقع.. وهي سلوكات تفضي جميعها إلى اعتدال المزاج والاستمتاع بالسلوك المعتدل، أو اعتدال زائف قائم على الضعف والخوف والرهبة من السلوك الجريء.
الشجاع القادر على لجم القوة الباغية وإيقافها عند خطوط حمراء، هي بالنسبة للمعتدل حيوية ضرورية لحفظ ماء وجهه.. كرامته.. إلتزاماته الأخلاقية صوب قومه وأهله ورعيته.
هي طريقة ذكية توازن بين النقد البناء والتقدير للتقدم، وهذا بالضبط الذي نحن بحاجة إليه كي نتحرك للأمام.
فلنتشجع على تحمل المسؤولية الفردية، ولنعترف بجهود الجميع رغم الصعوبات، ولنبرز التفاؤل بالمستقبل.
حقيقة أن الوضع يتغير على حسب السيرورة التاريخية... ومغرب اليوم يعيش تناقضات وسط فساد لمدبري الشأن السياسي والشؤون المحلية... وهذا لا يشفع لنا ان ننعث كل صحافة أثارت ضوء على مجال بانها صحافة "لحيس الكابة وماسحة أحذية"!.. دون أن نذكر بأننا في العمق نعزز تلك النظرة السوداوية التي يروجها إعلام أعداء الوطن ليس حبا في البلاد والعباد بل لأغراض ذات أبعاد لا تمت بالموضوعية والأغراض الصحفية النبيلة والمتخلقة والمتشبعة بالفكر الناضج.
ربما علينا أن نفكر في حل لكل هذا، على الأقل محليا.
فإذا استطعنا أن نغير سلوكات بسيطة في حياتنا اليومية فإننا سنساهم بالفعل في التغيير بشكل فاعل في أكثر من مجال ووضع.
الاعتدال وجب اعتباره حين يكون الظرف مناسب له، وردّ حازم حاسم حين يكون أوانه قد آن.
وهنا يمكن أن نعتبر بان تلك النقاشات وراء الكواليس أحيانًا تغذي الخطاب التيئيسي عند بعض الجمهور، يعني أنه هناك أناسا يشعرون بالإحباط ويفقدون الأمل بسبب سلبيات أو تحديات المجتمع.
هذا ممكن أن يؤثر على طريقة تفاعلهم مع الفعاليات أو التراث، ويجعلهم يركزون على المشاكل بدل الحلول.
الخطاب الواقعي هو الصعب... ولنسائل أنفسنا: ماذا قدم كل واحد فينا كي تزيد هذه البلاد إلى الأمام؟
أحب من أحب، وكره من كره، المغرب في تقدم مستمر… هناك أخطاء وهناك نواقص... نعم... ويجب الاعتراف بها
لكن هناك عمل كبير أنجز ونطمح للأحسن.
الجاحد فقط من ينكر التطور الكبير في البلد رغم كل الإكراهات المناخية السياسية والاقتصادية…
لنكن موضوعيين مع أنفسنا، حقيقة يعاني البلد من البطالة والمديونية والهدر المدرسي وفوارق العدالة المجالية، وترتيب البلد في معايير مؤشرات تنمية عالمية ... لكن ليس بكل تلك النظرة القاسية المحقرة للبلد وتزييف الواقع والتشويش عليه من خلال المحاولات اليائسة للتأثير على الرأي العام المغربي عبر حملات التشكيك والتزييف دون أن تفلت الفرصة لتمر بتوجيه سهامها صوب المغرب، وكأنه أردل وأدل الأمم!، ولتصور لنا وكأن الأوضاع في البلدان الأوروبية والأمريكية التي تتغنى بالديمقراطية في أحسن حال.
نعلم جيدا كمغاربة بأنه ليس لنا بترول الجزائر أو الخليج… وليست لنا السيرورة التاريخية التي مرت منها أوروبا من عصر النهضة للثورة الفلاحية والصناعية وصولا إلى الامبريالية التي استعمرت واستنزفت دول العالم المتخلف... إلى حدود اليوم في عهد التيكنولوجيا الدقيقة التي هيمنت على كل شيء... ولسنا بحاحة لمن يعطينا دروسه المسمومة.
علينا أن نستحضر بعضا من الواقعية في حياتنا المغريبة، وأن نضع أرجلنا على الأرض..
نقارن أنفسنا بمغرب الأمس… وبمحيطنا.. وبما أُنْجِز مقارنة مع الماضي!
لنا كل الثقة في مؤسسات بلدنا... الخطاب الحماسي ليس في السوشيال ميديا أو في الشارع؟
ترويج خطاب فقدان الثقة في المؤسسات له سلبيات كثيرة ولا إيجابيات له.
بعض الأشخاص الذين يراقبون ما يفعلون لغيرهم لا يرون ما يفعل غيرهم لأجلهم... وما لا علم لهؤلاء به؟...
وعلى حد قول إخواننا المصريين: "إن قلم الحق خاطب، وقلم الباطل حاطب... وإن الحق أبلج، والباطل لجلج".
التعميم لا يليق بمن يمارس السياسة أو من يعتبر نفسه فعالية اجتماعية ومؤثر وسط مجتمع صغير وضيق الفهم؟؟؟
فمن تسبب في حالة التسيب محليا عليه أن يعترف بشجاعة بأفعاله