فضاء الأطلس المتوسط نيوز/ محمد عبيد
🧠🔧💡أي شيء يمكن أن يجعلني أتوقف وأرى وأتساءل، وأحيانًا أتعلم؟... فكّر قبل التسريع.. علينا معرفة متى نتوقف قبل أن تُفكّر الآلة (وتتصرّف) نيابةً عنّا!
يكمن جوهر المشكلة في هذا الغموض الدلالي: كيف نوقف ما نكافح من أجل تعريفه؟
إذ في ظل التقدم التكنولوجي، يخشى الباحثون من خطر هذا التقدم التكنولوجي على حساب السيطرة البشرية.
وتفيد بعض التجارب في موضوع تعدد الذكاءات بأن أصحاب الذكاء الخارق دائما ما تخونهم ذاكرتهم الضعيفة في استخراج المعلومات، بينما أصحاب الذاكرة القوية غالبا ما يخونهم ذكاؤهم في توظيف معلوماتهم.
فلقد تعددت الذكاءات، في حين أن اللاعبين الرئيسيين في هذا القطاع، منخرطون في سباق لإنشاء نماذج أكثر تعقيدًا.
بداية وجبت الإشارة إلى أن الذكاء الخارق (Superintelligence) هو مفهوم لذكاء اصطناعي يتجاوز بكثير القدرات المعرفية للبشر في جميع المجالات تقريبًا، وهو ليس موجودًا بعد ولكنه هدف يسعى إليه الباحثون..
فالذكاء الخارق، مفهومٌ رائعٌ بقدر ما هو غامض، اذا علما ان مصطلح "الذكاء الخارق" يُجسّد هذه المخاوف، فهو يشير إلى ذكاء اصطناعي تتجاوز قدراته قدرات البشر في جميع المجالات تقريبًا: التفكير المنطقي، والإبداع، والتخطيط الاستراتيجي، وحتى الحس الأخلاقي.
لكن الواقع أكثر غموضًا هو أن لا أحدا يعرف حقيقةً ماهية هذا الكيان، ولا كيفية قياسه.
هل هو ذكاء قادر على التطوير الذاتي دون إشراف؟ أم وعي ناشئ؟ أم مجرد نظام أكثر كفاءة من نماذجنا الحالية؟
في خضم هذه الأسئلة قال عالم النفس هوارد غاردنر: "بتنا نعلم أنه لا يوجد ذكاء واحد، بل تعدد في أنواع الذكاء (اللغوي، والمنطقي الرياضي، والمكاني، والحركي، والموسيقي، والاجتماعي، والشخصي، وحتى الطبيعي).
يُفعّل كل فرد مزيجًا فريدًا من هذه الأنواع من الذكاء، لهذا لا يمكن اختزاله إلى مجرد أداء في الحساب أو التفكير المجرد.
يبدو تعليق هذا التقدم ضربًا من الخيال للكثيرين... كيف يُمكن تطبيق وقفة عالمية في ظل تباين المصالح الاقتصادية والجيوسياسية؟
ويتحدث خبراء عن مسارات لتطوير الذكاء الخارق (مثل التحسين الذاتي للذكاء الاصطناعي) والمخاطر المرتبطة به، والتي قد تكون وجودية للبشرية ما لم يتم حل "مشكلة التحكم" به، بينما يشير مصطلح "الذكاء الخارق" في سياق بشري إلى صفات مثل الهدوء، التكيف، التفكير العميق، والقدرة على التعلم من التجارب.
وفي رسالة تم نشرها مؤخرا من معهد مستقبل الحياة (FLI) في 22 أكتوبر 2025، بعنوان "ندعو إلى حظر تطوير الذكاء الخارق" تمت الإشارة إلى أن أكثر من 700 خبيرا وشخصية بارزة وقعوا على نداء دولي يدعو إلى وقف تطوير ما يُسمى بالذكاء الاصطناعي "الفائق".
وإلى جانبهم، يتحد رواد أعمال وفلاسفة وشخصيات عامة للتحذير من مأزق محتمل، سباق محموم نحو القوة الخوارزمية يُدار دون حوكمة حقيقية أو فهم لعواقبه.
هي دعوة إلى التمهل قبل الوصول إلى نقطة اللاعودة.
الموقعون يدعون إلى "وقف مؤقت لجميع عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي التي تتجاوز قدراتها قدرات الأنظمة الحالية"، إلى حين التوصل إلى إجماع علمي يضمن سلامتها.
لا يتعلق الأمر برفض الابتكار، بل بالتريث لتقييم عواقب تطور تكنولوجي يبدو الآن أنه يتجاوز قدرتنا على الفهم. وبينما تتسابق كبرى الشركات في هذا القطاع - مثل OpenAI وGoogle DeepMind وAnthropic وBaidu - لإنشاء نماذج أكثر تعقيدًا، يخشى الباحثون من اتجاه خطير: التقدم التكنولوجي لذاته، على حساب السيطرة البشرية.
سباق عالمي بدون حكم، فالولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي يتسابقون بشراسة للسيطرة على قطاع الذكاء الاصطناعي الاستراتيجي... ويُهدد التباطؤ الأحادي بفقدان ميزة حاسمة.
لكن بالنسبة للموقعين، فإن غياب التنسيق الدولي يجعل هذه الوقفة ضرورية.
فهم يدعون إلى إنشاء هيئة عامة ومستقلة تُكلف بالإشراف على أحدث التطورات.
وتجد هذه الفكرة صدىً في أوروبا مع قانون الذكاء الاصطناعي، وهو اللائحة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي مؤخرًا.
يُرسي هذا النص تصنيفًا لأنظمة الذكاء الاصطناعي وفقًا لمستوى المخاطر، ويفرض التزامات صارمة بالشفافية والتتبع والإشراف البشري.
لكن بالنسبة للعديد من الخبراء، لا يزال هذا الإطار غير كافٍ لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي الذي يُحتمل أن يُطور نفسه بنفسه.
يضع قانون الذكاء الاصطناعي قواعد امتثال، لكنه لا يتناول بعد مسألة الذكاء الخارق، الذي يتحدى أي إطار تقييم حالي.
ومن هنا، تُصبح الدعوة إلى الحذر ضرورة أخلاقية: فكّر قبل التسريع.
يُقرّ الباحثون أنفسهم بمفارقة الموقف: فهم يخشون ظاهرةً لا يستطيعون وصفها بعد.
يُعدّ الذكاء الخارق حاليًا أفقًا نظريًا، يكاد يكون انعكاسًا لمخاوفنا وطموحاتنا... ولكن هذا الغموض تحديدًا هو ما يُبرّر الحذر... إذا لم نكن نعرف طبيعة خط النهاية بدقة، فهل ينبغي لنا حقًا أن نواصل الركض دون النظر إلى موضع أقدامنا؟
لم يعد السؤال تقنيًا فحسب، بل أصبح فلسفيًا وسياسيًا وإنسانيًا بامتياز.
إنّ إمكانية وجود ذكاء خارق تُثير تساؤلاتٍ لا حول قدرتنا على الابتكار بقدر ما تُثير تساؤلاتٍ حول قدرتنا على إدارة أنفسنا.
لعلّ هذه هي علامة الذكاء الحقيقي: معرفة متى نتوقف قبل أن تُفكّر الآلة (وتتصرّف) نيابةً عنّا.