تحقيق//
انتحار القطاع السياحي صيف2018بإفران:
نشطاء فاعلون وتجار وسكان متذمرون!
فمن المسؤول؟
*/*مدونة"فضاء الأطلس المتوسط نيوز"/ آزرو- محمد عبيد*/*
ارتفعت خلال هذا الصيف2018 أصوات تثير بشكل غريب التراجع المريب في عدد زوار مدينة إفران وما خلفه هذا من تقهقر في جملة من المجالات المرتبطة بالقطاع السياحي وخاصة منه الخدماتي... وتعددت فرص النقاش سواء في المجالس العامة أو الخاصة وكذا في مواقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك)، كل منها صب جام غضبه عن الوضعية وما نتج عنها من أوضاع أثرت بشكل كبير على سمعة المدينة التي حباها الله بجملة من المميزات الطبيعية والايكولوجية وبتنوع تضاريسها وموقعها الجبلي ومحيطها الغابوي وتعدد مجاري المياه بها..
وبحسب معطى حصري تلقته مدونة"فضاء الأطلس المتوسط نيوز"، فإن نسبة استقبال النزلاء في الفنادق والمنشآت السياحية (باستثناء أيام المهرجان التي لم تتجاوز ال3ايام والتي جاءت مبكرة من عطلة الصيف والتي كان جل زوارها محسوبين على المهرجان إقامة وتغذية وإيواء؟!!!..) لم تتجاوز 40% فيما يبقى محتشما بواجهات أخرى كالإيواء لدى السكان الذين اعتادوا خلال الصيف كراء بيوتاتهم لضمان دخل يقيهم شر فترات الحاجة إلى التدفئة ولوازمها خاصة حطب التدفئة الذي ارتفعت تسعيرته تكتوي بها جيوب المواطنين الإفرانيين ككل..
والملاحظ فيما يقع حاليا من تقهقر في القطاع إقليميا هو طغيان بعض الإكراهات التي يعاني منها، يمكن إجمالها في غياب وكالات الأسفار والسياحة والتي من شأنها القيام بتسويق وترويج المنتوج السياحي المحلي، وغياب رؤية واضحة وموحدة من طرف المهنيين في القطاع للتعريف بالمنتوج وتسويقه، والنقص في وسائل التعريف بالإمكانيات السياحية من خرائط ومطويات، وفي وسائل الدعاية والترويج للمنتوج المحلي بهدف التمكن من بلورة إستراتيجية عمل مندمجة تتوخى تعزيز صيرورة الإقلاع الاقتصادي التنموي المنشود بإقليم إفران ضمن مقاربة شمولية قوامها التماسك والتكامل في الأدوار والوظائف بين مختلف قطاعات ومجالات التنمية، وكذا الاستغلال الأمثل والعقلاني لإمكانيات التنمية بالإقليم، وانطلاقا على اعتبار ان الإقليم يتوفر على معالم أساسية ورئيسية لاستثمار الجانب السياحي به كونه يعد قطبا سياحيا فتيا يفتقر للعديد من المقومات التي تجعل مؤهلاته الطبيعية وإرثه الثقافي وعادات ساكنته قابلة للاستهلاك وجديرة بالزيارة والمعرفة والاستطلاع من جهة واستثمار مؤهلاته الطبيعية والحيوانية والسياحية التي تتميز بالتنوع الإيكولوجي تتمثل في البحيرات والضايات ومجاري المياه والمنابع المائية الشلالات، الغابات، الوحيش، فجل المجالات الطبيعية.
وبالتالي فإن استغلال جل هذه المكونات والمؤهلات من شأنها المساهمة في خلق وصياغة منتوج سياحي متنوع ومتكامل مما سيحتم اتخاذ تدابير وإجراءات من طرف مجموعة من الفاعلين والمعنيين بالقطاع لضمان إنعاش سياحي من خلال اعتماد بنك للمعطيات خاصة بالمؤهلات السياحية والطبيعية ووضع تدابير خاصة بالتهيئة السياحية – إحداث تجهيزات بباحات للاستراحة، تهيئة مجالات الصيد والقنص والتشجيع على إقامة بنايات للإيواء تتلاءم وطبيعة المنطقة كالمآوي السياحية الجبلية بالإضافة إلى تكوين المرشدين السياحيين من أبناء المنطقة وتوجيههم في مجال التنشيط السياحي.. مادام القطاع السياحي يعتبر من إحدى أهم الركائز لتحريك دواليب النشاط الاقتصادي والاجتماعي على مستوى الإقليم، وتراهن عليه جميع الأطراف المتدخلة لكي يلعب على المدى المتوسط دورا محوريا وقاطرة للتنمية المحلية....
وفي هذا الصدد، هناك منتوجات كلاسيكية يتم العمل على دعمها وتقويتها كالسياحة الاستجمامية بتأهيل المراكز الحضرية بالإقليم ومحيطها والتركيز على جانب التنشيط والترفيه السياحيين، علما أن ما كان معولا عليه للمساهمة في النهوض بالقطاع من خطة إدماج إفران في برنامج تنمية السياحة الداخلية في إطار ما يسمى ب"مخطط بلادي" بحيث تم تخصيص منطقة على مساحة40هكتار لاستقطاب بنيات استقبالية ومنشآت ترفيهية قصد تعزيز وتقوية المكانة السياحية للمدينة كقطب وطني للسياحة الداخلية لم يحقق الغرض المنشود منه لجملة من الأسباب منها اقتصاره على المناسبات والضيافات ومقابل أسعار مرتفعة تفرض على الزوار العاديين ليس النفور منها فقط بل أيضا عدم تعدي الإقامة بالمدينة ليوم واحد خاصة منهم من المدن القريبة أو من محور الرباط الدار البيضاء... وهو ما يجعل الرفع من نسبة الإيواء من أبرز التحديات التي تواجه القطاع... ولقد لخص كل هذه الإكراهات الأستاذ احمد السرغيني فاعل جمعوي بالإقليم في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي حيث جاء فيها:
"الكل يتحدث عن الركوض السياحي الذي تعرفه مدينة إفران هذه السنة... المغرب كله يعرف السبب الرئيسي لهذا الإفلاس لكن مع كامل الأسف لا أحد يتجرأ على وضع الأصبع على موطن الخلل.... الكل يتحدث عن الغلاء الفاحش الذي يذهب ضحيته زوار مدينة إفران في موسم الصيف أو موسم الثلوج على حد سواء... وهو المضاربة والسمسرة في كل شيء والغلاء الذي يصل إلى حد النصب والابتزاز أحيانا... لنقولها صراحة: المواطنون بسلوكياتهم الجشعة هم سبب الركود ونفور السياح من مدينتهم... إنهم يخربون بيوتهم بأيديهم .. ما يؤسف له أن الأصوات التي تتعالى اليوم لدق ناقوس الخطر لم يسبق لها أن نددت بالاستغلال الفاحش الذي يتعرض له السياح... أتعلمون أن ثمن دجاجة مع شيء من "الفريت" قد يراوح 250 درهم في بعض الأحيان وقد يصل المبيت في بيت عادي2500درهم لليلة الواحدة أحيانا؟؟... أما بائعو الفواكه والخضر وحتى البقالة في "المارشي" لن يعيروك أدنى اهتمام إن عرفوك تنحدر من الإقليم....أما "الباركينغ"؟ حدث ولا حرج.. الابتزاز بالعلالي... هل تعلمون أن هناك أناسا يحتلون المواقع المهمة في عين فيتال بالحصائر ويبتزون الزوار ويكترون المكان ب20 و30.. وقد يصل الثمن50 و100درهما؟... هل تعلمون أن ثمن خبزة واحدة وصل 10دراهم في محطة ميشليفن إبان موسم الثلج؟... الباعة المتجولون على سبيل المثال لا الحصر بميشليفن يبيعون جوارب "شينوا" ب50درهما في حين ثمنها الحقيقي لا يتعدى5دراهم... كل من زار إفران يقسم بالله ثلاثا أنه لن يعود إليها مرة أخرى... لقد سئم الزوار هذه التجاوزات... بلغ السيل الزبى... السياحة تحتضر بالمدينة وهذا واقع من الواجب مواجهته بحزم وواقعية، لكن يجب القيام بتشخيص نزيه ودقيق وموضوعي للوضع بعيدا عن الشعبوية والمزايدات الفارغة؟... وهذا دور الفعاليات بمختلف مشاربها والمجتمع المدني والصحافة المواطنة والمتزنة... يجب أن يتحمل كل من موقعه جزء من المسؤولية بكل جرأة وشهامة وسعة صدر... أتمنى أن لا يكون كلامي صيحة في وادي، وألا يتخذه البعض مطية للزج بالحوار في "البوليميك" العقيم... نريد اقتراحات وحلول موضوعية وتوصيات واقعية لتجاوز هذه "الأزمة" حتى تسترجع مدينة إفران سمعتها وبريقها وإشعاعها ... ولن يتأتى هذا إلا بتكثيف جهود الجميع... و شكرا...".
فيما جاء تعقيب لأحد رواد هذا الفضاء الأزرق يثير من خلاله مسؤولية الدوائر المختصة إدارة وقطاعيا مثلا في التشوير للمناطق السياحية تكتفي بالواجهات والأماكن الرسمية بالمدينة وعند تنقل الزائر للمناطق السياحية الداخلية يتيه، قد تصادف بها أناس لا يستطيعون مثلا العودة من حيث دخلوها فيستنجدون بمن يصادفهم لإرشادهم سبيل الخروج... المناطق السياحية في أحسن حال يتهم إعداد لوحة تحمل الاسم دون ما يفيد أهميتها تاريخيا وإيكولوجيا... المناطق السياحية أصبحت أكثر من الأسواق الأسبوعية شبيهة ب"السويقات" حيث انتشار عدد من الباعة وبشكل عشوائي وفي غياب الضوابط لاحترام بعض المواقع السياحية التي تؤثر في جماليتها انتشار الزبال وتساهم في تلوث المياه.... هناك عدد من التشوهات ببعض رقع مناطق سياحية لا عناية بها... حتى بعض مجاري المياه تصاب بالتلوث الوارد من مناطق قريبة منها وتتلقى التستر عنها عوض ردعها... تنشيط الفترة السياحية لا يجب ان يختزل في مدة زمنية منه بتنظيم مثلا مهرجان لثلاثة أيام تهدر فيه أموال لو كانت العقلنة يكون مهرجانا على طول الفصل السياحي بالاكتفاء بالمحلي من مجموعات فلكورية وجمعوية شبابية لن تكلف ما تكلفه 3ايام من مهرجان خاصة وأنه أصبح يأتي مبكرا حتى يتفرغ منظموه لعطلتهم وقت الموسم السياحي الذي يلزمهم معه مواكبته عن قرب.
إن الشهرة والصيت العالمي الذي حظيت به إفران، كأنظف مدينة في العالم من حيث نقاء الماء والهواء والطبيعة، فكلما جادت السماء بمائها وخضرتها زاد عطاؤها، جعل من المدينة حديقة جميلة، علما أن الراغبين في الاستثمار بالمنطقة يتهافتون عليها خصوصا في مجال الشقق المفروشة الذي تدر أرباحا دون تكاليف أو ضرائب، بالإضافة إلى الاستثمار في مجال المطعمة، وكراء مواقف السيارات.
قطاعات اقتصادية تعيش هذا الصيف أسوأ على مر تاريخ إفران، عوامل طبيعية، فرشة مائية إن أفلتت من الجفاف أصابها التلوث بفعل فاعل حين تصلها بعض مجاري وديان الحار العشوائية المنبعثة من بعض محلات للأسف وحدات سياحية مجاورة، موجات حرارة متكررة، تضرر الغطاء النباتي... بالإضافة إلى عوامل إدارية، تتمثل في عدم تأهيل المنتوج السياحي، حيث أن المرافق السياحية بإفران تخضع إلى سلطة جماعة إفران، هذه الأخيرة التي ترفض أي تأهيل دون تكوين شركة التنمية المحلية التي ستسهر على كل المرافق السياحية بالمدينة.
هذا دون إغفال جشع المستثمرين، والذي أعطى صورة نمطية عن إفران، وساكنتها بل ومخطئ من يظن أن معظم الفيلات والإقامات السكنية والشقق المعدة للكراء في ملكية ساكنة إفران، ولابد وأن نذكر ان نسبة 33% من السكن بإفران في ملكية الساكنة ولا يشكل أي منفعة اقتصادية، احتكار المنشآت الاقتصادية دون عامل التنافسية يؤثر سلبا على الاقتصاد المحلي، فلا يعقل"دجاجة بسلطة ومشروب غازي بثمن"300درهم"/يقول أحد الزوار... إلا أن تدخل السلطات المحلية في هذا الباب محدود، نظرا للتوجه الاقتصادي المغربي الذي ينبني على حرية التجارة، تكتفي بذلك دوريات المراقبة فقط على ضرورة إشهار الأثمنة.
لذا ومن أجل رفع التحديات كان لزاما وضع خارطة الطريق لقطاع السياحة تنبني على أربع أولويات تتمثل في إعادة إطلاق دينامية الاستثمار، وتكثيف وتفعيل الإجراءات المرتبطة بالإنعاش والتواصل، والاستثمار في الرأسمال البشري، وتعزيز الحكامة بتفعيل جملة من التوصيات سبق وأن كان أن خرجت بها ندوات ولقاءات منها الإعلامية وأخرى من قبل بعض الجمعيات المحلية وبعض المهتمين بالشأن السياحي إقليميا، وهو ما يقتضي تعبئة كافة الفاعلين من القطاعين العام والخاص وتعزيز الثقة والمصداقية واستعادة الأولوية التي كان يحظى بها القطاع.
جانب آخر يمكن اعتباره أحد أسباب هذا النفور من الاستمتاع بالعطلة والسياحة بشكل عام وبصفة خاصة ما يرتبط بإفران المركزة أساسا على السياحة الجبلية، هو معاناة الأسر المغربية المتوسطة الدخل من ارتفاع القدرة الشرائية للفرد التي تضررت بفعل تعاقب مواسم المصاريف تقارب المناسبات الدينية "رمضان"و"عيد الأضحى" والعطلة الصيفية" ف"الدخول المدرسي"، حيث أن معظم الأسر تكون قد فضلت قضاء العطلة الصيفية في بيتها.
لهذا كله صار لزاما وأكثر من أي وقت مضى، إعادة النظر في التأهيل الاقتصادي للمدينة الذي بات ضرورة ملحة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل التنافسية التي تدخل فيها إفران، مع مدن الشمال بخصوص السياحة الإيكولوجية، فلن يقوم اعوجاج السياحة إلا بتطوير العرض السياحي، أثمنة معقولة وتأهيل العنصر البشري.