فضاء الأطلس المتوسط نيوز/أحمد زعيم
وجه أحد أبناء مدينة الفقيه بن صالح رسالة مفتوحة عبر مواقع التواصل الإجتماعي إلى رئيس المكتب الشريف للفوسفاط، عبر فيها عن إستياء عميق من "التهميش التنموي" الذي يعيشه الإقليم، رغم إحتضانه أكبر مغسلة للفوسفاط في المغرب (مغسلة بني عمير).
الرسالة سلطت الضوء على مفارقة صارخة: فبينما استفادت مدن كخريبكة واليوسفية والكنتور من مبادرات إجتماعية ومراكز تكوين حديثة، بقيت الفقيه بن صالح خارج خريطة هذه المشاريع. شبابها يُنهون دراستهم أو يحصلون على شهادات مهنية ثم يجدون أنفسهم عاطلين بلا أفق، في غياب أي مبادرات لتأهيلهم أو إدماجهم في سوق الشغل.
الإنتقادات شملت كذلك مجالات الرياضة والثقافة والفلاحة. ففريق الإتحاد الرياضي للفقيه بن صالح يتخبط في أقسام الهواة دون دعم مؤسساتي، والأحياء تفتقر لملاعب القرب، بينما تغيب الفضاءات الثقافية تماما في مدينة بلا مكتبات أو مسارح أو مراكز للإبداع. أما الفلاحة، وهي عصب الإقتصاد المحلي، فتعيش أزمة خانقة بسبب ندرة المياه وغياب التكوين والدعم، ما أدى إلى تراجع دور الفلاح الصغير وفقدانه أفق الإستمرار.
غير أن الجرح الأكبر يظل التشغيل، حيث أُثيرت تساؤلات حول آلاف فرص العمل التي يعلن عنها المكتب الشريف للفوسفاط دون أن يصل منها شيء إلى شباب الفقيه بن صالح، في وقت يضطر فيه كثير منهم للهجرة أو حتى ركوب قوارب الموت بحثا عن مستقبل أفضل.
الدعوة التي حملتها الرسالة واضحة: إنصاف المنطقة عبر مشاريع عملية تشمل إحداث مراكز تكوين، دعم الرياضة والثقافة، إدماج الفقيه بن صالح في مبادرات Act4Community، وضمان الشفافية في التوظيف المحلي.
وهنا تبرز التساؤلات:
هل يستجيب المكتب الشريف للفوسفاط لهذه الصرخات؟
هل يُنصف الفقيه بن صالح بما يليق بمساهمتها الكبيرة في ثروات الفوسفاط الوطنية؟
أم ستظل التنمية مجالية وانتقائية، تُعمق الإحباط وتزيد من نزيف النزوح والهجرة، وتكرس ما حذر منه جلالة الملك محمد السادس حين قال:
"لا مكان اليوم ولا غدا، لمغرب يسير بسرعتين. لن أكون راضيا، مهما بلغ مستوى التنمية الاقتصادية والبنيات التحتية، إذا لم تساهم، بشكل ملموس، في تحسين ظروف عيش المواطنين، من كل الفئات الإجتماعية، وفي جميع المناطق والجهات."
رسالة الفقيه بن صالح، إذن، ليست مجرد صرخة محلية، بل تجسيد حي للتحديات الكبرى التي تواجه النموذج التنموي الوطني في تحقيق العدالة المجالية والإجتماعية.