"الشرفي يقلب الطاولة: الشباب لم يعد لديهم ثقة... والقضاء هو خط النهاية بين الفساد والإصلاح".
في تصريح لاذع، هاجم الناشط الحقوقي والصحفي أحمد الشرفي واقع السياسة المغربية، منتقدًا غياب العدالة الاجتماعية واحتكار "الدمى السياسية" للقرارات. وأكد أن الجيل الجديد لم يخرج إلى الشارع عبثًا، بل ليعلن ميلاد وعي جديد يطالب بإصلاحات حقيقية، أو لا شيء على الإطلاق...
في قلب الشارع المغربي، حيث تتقاطع أصوات الغضب مع صرخات الأمل، يبدو أن الناشط الحقوقي والصحفي أحمد الشرفي يضع إصبعه على الجرح العميق لحراك الشباب. بين سطور خطابه الناري، نسمع صرخة جيل يبحث عن العدالة، جيل لم يعد يرضى بالوعود الكاذبة أو المظاهر السياسية المزخرفة. أخنوش وبوبية والقضاء هم الأساس، وإلا فلن يُصلح شيء! هذه ليست مجرد كلمات؛ إنها بيان تحدٍّ وإشارة تحذير، تُحمّل كل من يُدير شؤون البلاد المسؤولية ويحول دون أي إصلاح حقيقي.
- مقدمة
في الوقت الذي تتضاعف فيه الأزمات وتنهار الثقة بين المواطنين والمؤسسات، يتحدث الناشط الحقوقي والصحفي أحمد شرفي بصراحة وصدق، ويهز المشهد بكلمة واحدة: "العدالة أولا، ثم كل شيء آخر".
في حوار استفزازي أجراه زميله رشيد أوسارة لصحيفة "الواجهة" الصادرة في الدار البيضاء، لم يتردد الشرفي في قول ما يخشاه كثيرون: "أخنوش مجرد برجوازي، والقضاء هو الأساس، وإلا فلن يتم إصلاح أي شيء". ـ وهي عبارة لخصت أزمة مجتمع فقد صبره على الإصلاحات السطحية، وبدأ يطالب بتغييرات عميقة في بنية الدولة وفي سلوك الموظفين.
- حركة الشباب: جيل لم يعد يؤمن بالوعود
ويرى الشرفي أن الحراك الشبابي في المغرب ليس موجة غضب عابرة، بل هو النتيجة الطبيعية لإحباط متراكم وعقود من الشعارات التي لم تترجم إلى سياسات ملموسة.
ويوضح أن هذا الجيل الجديد "خرج إلى الشوارع ليس بحثاً عن الفوضى، بل ليقول: نريد الكرامة والعدالة والإنصاف".
إنها ليست معركة ضد فرد أو حزب، بل هي معركة ضد عقلية الإقصاء والزبائنية التي جعلت الشباب يشعرون بأنهم غرباء في وطنهم.
ويقول الشرفي:
> «الشباب المغربي اليوم أكثر وعيا من أي وقت مضى، لكنه فقد الثقة في المؤسسات لأنه يعتقد أن من يسرق المال العام يحظى بالتكريم، ومن يطالب بحقوقه يلاحق قضائيا».
وهذا يعكس واقعاً قاسياً، وهو أن انقطاع الخطاب السياسي عن هموم الشارع أصبح أحد أخطر مظاهر الأزمة الحالية.
— «أخنوش ليس بوبيا»: نقد رمزي لزيف السلطة
ولم يكن تصريحه بأن "أخنوش ليس بوبيا" إهانة ولا ضغينة، بل كان وصفاً رمزياً لفراغ العمل السياسي الحكومي، حيث يبدو أن القرارات تأتي من الأعلى، بعيداً عن نبض الشارع.
ويرى الشرفي أن رئيس الوزراء الحالي "لا يمارس سلطات حقيقية، بل ينفذ برنامجا اقتصاديا تحكمه المصالح العليا، وليس المصلحة العامة".
في قراءة رمزية، "بوبيا" هي صورة تتحرك بخيوط خفية.
ولذلك فإن هذا التصريح ليس مجرد نقد، بل هو إدانة للسياسات التي نفذت من دون استقلالية أو شجاعة في اتخاذ القرار، وتأكيد على أننا نعيش اليوم "حكومة إدارة أزمات" وليس "حكومة حلول".
- القضاء هو أساس الدولة وليس مرآتها
ومن أبرز ما جاء في خطاب الشرفي هو تأكيده على أن القضاء هو أساس الدولة، مؤكدا أنه لا يمكن بناء دولة ديمقراطية دون نظام قضائي يفتقر إلى الاستقلال والشجاعة.
ويقول بوضوح:
> "ما دام القضاء لا يتمتع بحرية القرار فلن يتغير شيء".
ويذهب تحليل الشرفي إلى أبعد من الشعارات ليصل إلى جوهر المسألة: العدالة هي حجر الزاوية في أي إصلاح سياسي أو اقتصادي.
لا يمكن للاستثمار أن ينجح بدون قضاء محايد، ولا يمكن للمواطنين أن يطمئنوا إذا لم يشعروا بالمساواة أمام القانون، ولن يخشى المسؤولون الفساد في غياب المساءلة الحقيقية.
ولذلك يدعو الشرفي إلى ثورة صامتة داخل القضاء لاستعادة ثقة المواطنين ووضع حد للإفلات من العقاب، لأن "الوطن لا يبنى بالقوانين، بل بمن يطبقها بعدالة".
— "إلا ما تصلحش، ما بقى شي": صرخة واقعية، مش صرخة تشاؤمية
عندما نطق الشرفي بعبارته الشهيرة "إلى ما لا يتغير، ما بقي شيء"، لم يكن متشائماً؛ بل كان واقعياً إلى حد مؤلم.
وهو يدرك أن أي إصلاح دون إرادة سياسية حقيقية هو مجرد محاكاة ساخرة إعلامية.
بالنسبة له، تُعدّ حركة الشباب إشارة تحذير للدولة قبل أن تُصبح تهديدًا. عندما يصمت الشباب، يبقى المستقبل صامتًا.
إن تحذيره لا يستهدف الحكومة فقط، بل كل النخب التي اختصرت الأمة في مقاعد ومناصب، متناسية أن الشرعية الحقيقية لا تأتي فقط من صناديق الاقتراع، بل من ثقة الشعب ونزاهة المؤسسات.
— قراءة تحليلية: ما وراء خطاب الشرفي
عند تتبع مسيرة أحمد شرفي، الناشط الحقوقي والصحفي، يمكننا القول إن خطابه يجمع بين التحليل السياسي والعمل الميداني.
وهو لا يعبر عن نفسه من وجهة نظر نظرية، بل من خلال التواصل المباشر مع السكان وقضايا حقوق الإنسان والواقع الأمني والاجتماعي.
ويرتكز تحليله المتعمق على ثلاث قناعات أساسية:
1. العدالة هي الطريق الوحيد للإصلاح الحقيقي.
2. لقد تفوقت القوة الاقتصادية على صنع القرار السياسي في المغرب.
3. لم يعد الشباب مستعدين للبقاء صامتين في مواجهة العبث وانعدام الشفافية.
إن هذه الثلاثية قد تكون، إذا توفرت الإرادة، مدخلاً لعقد اجتماعي جديد يعيد الثقة بين الدولة والمجتمع.
—بين صوت الشارع وصوت العقل
قد لا يرضي خطاب أحمد الشرفي الجميع، لكنه يعكس صوتا وطنيا حرا يرفض أن يكون شاهدا زورا على حقبة من الرماد.
في الوقت الذي يحاول فيه البعض تلميع صورتهم وتغطية أنفسهم بالتراب، يرتفع صوته بوضوح:
>إن الحقيقة لا تتغير بالزخارف، بل بالقرارات الشجاعة.
قد نتفق معه أو نختلف معه، ولكن لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن هذا الرجل قد وضع إصبعه على النقطة المؤلمة: إن غياب العدالة هو جذر كل الشرور.
— الخاتمة: من الحركة إلى الإصلاح الحقيقي
ما قاله أحمد الشرفي ليس مجرد رأي، بل وثيقة سياسية كتبها رجل مقتنع بأن العدالة أقوى من الشعارات.
إذا لم تقم الدولة بإصلاح نظامها القضائي والإداري، فإن الإصلاحات ستظل كالبيت على الرمال المتحركة.
لقد حان الوقت لأن تستمع السلطات إلى صوت لا يسعى إلى إسقاط الدولة، بل إلى إنقاذها من الداخل.
إن الحركة الشبابية التي يتحدث عنها الشرفي ليست تهديدا، بل فرصة تاريخية لاستعادة الثقة بين المواطن والدولة، شريطة أن تتناسب جرأة الإصلاحات مع جرأة الخطابات.
التوقيع: محمد بن هيمة - المدير التنفيذي لمؤسسة أفريقيا بلس ميديا
(تحليل الرأي والحوار المفتوح مع الحقيقة)