فضاء الأطلس المتوسط نيوز/ محمد عبيد
أولاً، اُحسب، ثم حلل، ثم علّق حتى تتمكن من التحسين إذا لزم الأمر. 
هذه قاعدة بسيطة وبديهية، لكنها غالبًا ما تُنسى في خضمّ الجدل العام.
قبل التحليل والتقييم والحكم، يجب علينا أولاً أن نعرف ما نتحدث عنه... 
يجب أن نعرف بدقة أين نحن؟
أين كنا بالأمس؟
وما الذي تغير فعلياً في تلك الأثناء؟.
لا يمكن للحكم أن يدعي دقته، أو على الأقل موضوعيته، إلا في ضوء الأرقام والبيانات القابلة للقياس والحقائق الدامغة.
ومع ذلك، يبدو أن عصرنا قد اعتاد على عكس هذا النظام الطبيعي للأمور: نُعلق أولاً، ثم نغضب لاحقاً، ثم نبحث عن الحقائق لاحقاً - أحياناً، إن لم يكن غالباً - لنُكيّفها مع رأي مُكوّن أو مُعدّ مسبقاً. 
الحقائق مُقاسة ومُوثّقة وقابلة للمقارنة.
لذا، فالمسألة ليست مجرد قول: "اليوم، الأمور سيئة" أو "أفضل".
لنسأل أنفسنا: أين كنا قبل خمس، عشر، عشرين عامًا؟ 
ماذا كنا نملك؟ 
ماذا أنتجنا؟
كم منا كان يحصل على هذه الخدمة أو تلك؟ 
واليوم، ما هو الوضع؟ 
هذا المنظور، هذه النظرة إلى التطور، وهي ما يميز التحليل الجاد عن رد الفعل الغريزي والبدائي.
هذه القدرة على تجاوز الأحكام المتسرعة إلى الاعتماد على ما هو قابل للتحقق والقياس وغير قابل للجدل أمر حيوي وحاسم.
التطور هو ذلك بالضبط: "الانتقال من ثقافة المشاعر إلى ثقافة النتائج".
لنتعلم مواجهة العاطفة بالحقائق، والرأي بالأرقام، والحوار بالواقع.
إن هذا لا يعني التخلي عن النقاش، بل على العكس، يعني استعادة معناه الحقيقي ونبله.






0 التعليقات:
إرسال تعليق