فضاء الأطلس المتوسط/ نيوز محمد عبيد
الفساد منظومة شديدة التعقيد، ومن أراد الإصلاح فليتأكد من فهمها ووجوده خارجها تماما، وإلا ستحتويه ولن تزيدها محاولته إلا تماسُكا.
إنه في خضم ما يعيشه العالم من اضطرابات سياسية، وأزمات اقتصادية، وتحولات اجتماعية متسارعة، يتراءى للناس ان المشكل الاساسي يكمن في نقص الموارد أو سوء التدبير أو ضعف الحكامة .
غير أن الحقيقة الأعمق تكمن في جوهر واحد: "أزمة الأخلاق".
فالمجتمع الذي تنهار فيه القيم، وتهمش فيه الفضائل، يصبح عرضة لكل أشكال التصدع مهما بلغت قوته المادية، وتقدمه العلمي..
إذ لا معنى للعلم بلا أمانة.. ولا جدوى للحرية بلا مسؤولية.. ولا قيمة للثروة إذا غابت العدالة..
إن الأزمة الحقيقية ليست فقط في الإدارة أو الموارد، لكنها في *أزمة أخلاق* داخل المجتمع.
فعندما تنهار القيم وتضعف الفضائل، حتى أقوى الدول مادياً وعلمياً تنهار، لأن العلم بدون أمانة والحرية بدون مسؤولية والثروة بدون عدالة كلها بلا معنى.
الفساد هنا موضح كمنظومة معقدة، والذي يريد أن يصلح لابد وأن يكون خارجها تمامًا، وإلا هي تلتهمه بدل من ان تغير.
الأخلاق في السياسة والمجتمع هي الأساس الذي يبني ثقة الناس وحُكم عادل.
عندما تغمر السياسيين والمجتمع قيم مثل الصدق، الشفافية، والمسؤولية، يصير الحكم أنجح ويقل الفساد.
إلا أنه عندما تغيب الأخلاق، يسود الظلم والفساد، وتضعف الروابط الاجتماعية وتتأثر كل مؤسسات الدولة.
الثقة بين المسؤول والمواطن هي حجر الأساس لأي نظام سياسي ناجح.
عندما يكون المسؤول صادقا وشفافا في أفعاله وقراراته، المواطن يشعر بالأمان ويشارك في بناء البلد بكل حماس.
في كثير من الأحيان والأحداث يفقد المواطن الثقة في المسؤول، وعندما يتم تسويف اتخاذ إجراءات في حالات تخرج عن نطاق تدبير عقلاني ورهن أي حل دون المتابعة لتجاوز الاحتقان.
التسويف وتأجيل الإجراءات خاصة في أزمات غير عقلانية يزيد من فقدان ثقة المواطن في المسؤول، وهذا مايزيد الاحتقان الاجتماعي.
الشفافية والالتزام بالحلول الفعلية هما الطريق لاستعادة الثقة وتهدئة الأوضاع.
الفعالية في التعامل مع القضايا المطروحة أو المعروضة، واعتبار المواطن شريكاً في مناقشة الوضعيات الاجتماعية والمجتمعية، وذلك باستحضار التشاركية الاجتماعية.
فالفعالية والسرعة في التعامل مع القضايا، مع إشراك المواطن كشريك في النقاش، تخلق جوا من التفاهم والثقة ويخفف الاحتقان.
التشاركية الاجتماعية تجعل القرارات أقرب للواقع وتعزز الشعور بالمسؤولية المشتركة.
للتشاركية المجتمعية تطبيقات عملية كثيرة منها:
1. استضافة اجتماعات عامة (قاعة المدينة) لجمع آراء الناس ومناقشة قضاياهم.
2. تنظيم استطلاعات للرأي ونماذج ملاحظات لجمع تعليقات أوسع.
3. فعاليات وورش عمل توعوية تشرك المجتمع والخبراء.
4. مشاريع تعاونية تشارك فيها الناس في اتخاذ القرار وحل المشكلات.
5. إنشاء مجالس استشارية من أفراد المجتمع ليكون لهم صوت دائم.
6. حملات توعية وتشجيع على المشاركة في التصويت والأنشطة المدنية.
المفتاح هو إشراك المواطن كفاعل فعلي ومتاح له التعبير المستمر والتأثير على القرارات.
ولهذا كان الفساد منظومة شديدة التعقيد.... من أراد الإصلاح فليتأكد من فهمها ووجوده خارجها تماما، وإلا ستحتويه ولن تزيدها محاولته إلا تماسُكا.
📌@






0 التعليقات:
إرسال تعليق