قضية وموقف
نون وقلمي... وما يسطرون؟
*/*مدونة فضاء الأطلس المتوسط- محمد عبيد - آزرو
يتعرض العمل الصحفي خاصة منه المكتوب للكثير من الإكراهات والضغوطات في نقل أو عرض قضايا سواء من الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية ضمن جنس الخبر وكذلك لمقالات الرأي أو الأجناس الصحفية الأخرى من تحقيق أو روبورطاج تجعل الممارس في فوهة المدفع ليكون على استعداد تام لتلقي ردود فعل غير متباينة من المتلقين ومن المعنيين أو المهتمين بمتابعة النشرات وصاحبها خاصة إن كان حامل القلم من الأقلام المشاكسة تحظى بالكثير من الاهتمام ليس فقط كإعجاب بنشراتها بل كذلك كأقلام متربص بها وقوعها في زلات إحدى نشراتها كي تكون موضع تلقي سهام النقد المصوب غالبا بمحاولات إحباط ألأقلامها وجفها...
فالممارس للعمل الصحفي سواء متعاون أو مراسل أو محرر أو حتى رئيس أو مدير منبر إعلامي ليس من بين هؤلاء ما يمكن أن ننعته بكامل الأوصاف مهما كان قلمه ينشر من أوراق صحفية أو ما يعلن عنه من خلال خط تحرير منبره أو ما قد يعبر عنه من مواقف تجاه قضايا متنوعة...
إن الممارس للعمل الصحفي صديق ورفيق الجميع من عموم الناس ويجالس ويلتقي بكل الأجناس والأنواع البشرية من أتفههم إلى أعلاهم شأنا وقدرا في المجتمع الذي يعيش فيه، فلا عيب في أن يكون مقربا من قيادات إدارية أو سياسية أو مجتمعية.. ان يعمق علاقاته مع هذه الأصناف البشرية في إطار العلاقات الإنسانية... لا يبالي بتلك النظرات السوداوية التي ترمي بسهامها السامة على علاقاته هذه وما تواكبها من أغراض الممارسة الصحفية شرط ان يكون ذو شخصية كاريزمية قوية لا تنحي أمام الإغراءات ومحاولات التحكم في قلمه.... مادامت علاقة آنية تكون مرتبطة كذلك بمهمته الصحفية.الكثير من الناس يعتقدون أننا نحن الكتاب في هذه المواقع أو المسؤولون عنها نتقاضى أموالا أو أجرا أو تعويضات عن هذا العمل الذي نعتبره نضاليا، ويعتقدون كذلك أن المراسلين والكتاب في هذه الجرائد الإلكترونية يربحون أموالا كثيرة... أقول للجميع أن العذاب الذي يقاسيه الشرفاء في ميدان الصحافة من أجل القارئ هو عذاب مستمر محفوف دائما بالمخاطر...
فكثيرون منا هم حملة أقلام متطوعون سكنهم هوس الكتابة الإعلامية ولو بعيدا عن التكوين الأكاديمي إلا أن هناك من بين هؤلاء الذين لم يدرسوا في المعاهد الصحفية من كسب بحكم احتكاكه وبحكم هوايته المفضلة التي أصبحت مع الممارسة مهمة ملتصقة به من حيث لا يدري مدمنا علينا أكثر من المدمنين على الممنوعات والمسمومات، همهم المساهمة في خدمة الإعلام الوطني من خلال المهام الإعلامية المحلية أساسا ومن أجل خدمة القارئ وتنمية بلادنا ومن أجل إرشاد المسؤولين إلى مكامن الخلل وأحيانا لتعرية الفساد والمفسدين والجهر بالحق في مواضيع تهم الوطن والمواطنين...عدد كبير في الساحة أضحوا في عداد الممارسين لصحافة المواطنة صنعوا أقلامهم بأنفسهم، فكثيرا ما اتهم البعض هؤلاء المنتسبين ل"قبيلة المراسلين" ول"كتاب الرأي" بأنهم يغمسون أقلامهم في محبرة تمتلئ عن آخرها بالسوداوية والحقد والسادية... ويطلقون العنان لكل الكلمات الرنانة ليجلدوا بها ضحاياهم من كل الأصناف، بل يمكن أن يتحول هذا الاتهام عند الآخرين إلى نوع من الابتزاز كلما أتيحت الفرصة لذلك...
فكثيرون منا هم حملة أقلام متطوعون سكنهم هوس الكتابة الإعلامية ولو بعيدا عن التكوين الأكاديمي إلا أن هناك من بين هؤلاء الذين لم يدرسوا في المعاهد الصحفية من كسب بحكم احتكاكه وبحكم هوايته المفضلة التي أصبحت مع الممارسة مهمة ملتصقة به من حيث لا يدري مدمنا علينا أكثر من المدمنين على الممنوعات والمسمومات، همهم المساهمة في خدمة الإعلام الوطني من خلال المهام الإعلامية المحلية أساسا ومن أجل خدمة القارئ وتنمية بلادنا ومن أجل إرشاد المسؤولين إلى مكامن الخلل وأحيانا لتعرية الفساد والمفسدين والجهر بالحق في مواضيع تهم الوطن والمواطنين...عدد كبير في الساحة أضحوا في عداد الممارسين لصحافة المواطنة صنعوا أقلامهم بأنفسهم، فكثيرا ما اتهم البعض هؤلاء المنتسبين ل"قبيلة المراسلين" ول"كتاب الرأي" بأنهم يغمسون أقلامهم في محبرة تمتلئ عن آخرها بالسوداوية والحقد والسادية... ويطلقون العنان لكل الكلمات الرنانة ليجلدوا بها ضحاياهم من كل الأصناف، بل يمكن أن يتحول هذا الاتهام عند الآخرين إلى نوع من الابتزاز كلما أتيحت الفرصة لذلك...
وأنا لا أختلف مع هؤلاء كثيرا، فهناك أقلام يقطر السم الزعاف من أمعائها، وهناك مراسلون وصحفيون يمارسون الدعارة الصحافية والابتزاز وتصيد الملفات لمواجهة الضحايا...
رغم هذه الكآبة الواقعية التي تسجل بعض الحالات الصحفية، هناك أقلام الصناديد والمناضلين الصامدين في القرى وفي المدن الصغيرة والكبيرة... هؤلاء الشرفاء يتعذبون يوميا لنشر الصدق والأمانة و لو على حساب حياتهم وتضحية لقرائهم، ومستعدون للمشانق ولكل العواقب والعقوبات في كل ساعة أو دقيقة.. فإذا كان هناك أنذال خسيسين في هذه"القبيلة الصحافية"، فهناك أوفياء لنقل الخبر وتناول الأحداث وقراءة القضايا والإدلاء بدولوهم في المواقف وأحيانا البدائل واقتراح الحلول القابلة للنقاش والتحميص...هناك شرفاء على طول الوطن وعلى سبيل المثال في إقليم إفران،--هذا الإقليم السعيد وبعيدا عن النرجيسية--، من تعرضوا للإغراء ولكل متاع الدنيا، لكنهم رفضوا ولهذا يمشون في الأسواق والطرقات كناطحات السحاب...والقارئ الذكي يعرف هذه الأصناف جيدا ويميزها من خلال مقالاتها الصادقة التي تقطر بالأمانة والوفاء في نقل الأحداث والأخبار والتحقيقات... وحتى الدولة بنفسها وبأجهزتها الخاصة تعرف خبايا هذه "القبيلة المتنافرة" التي لا زعيم لها إلا الضمير... ولقد تعلمنا كممارسين للفعل الإعلامي أو الصحفي أن مهمتنا يجب أن تعكس الأحداث بصورة مهنية ومستقلة وهذا يستوجب الإنصاف لجميع الناس ويستوجب كذلك الحذر من الانزلاق نحو الرأي الواحد.الممارسة الإعلامية تتطلب معالجة المواضيع على أساس وطني جامع لا يفرق بين فئات ومكونات المجتمع أو نوع الجنس أو المركز الإداري الاجتماعي بقدر ما يتطلب منها تنشيط الحوارات النوعية للقضية المطروحة على الرأي العام بعناية ومن دون قذف أو تشهير بأية فئة من فئات المواطنين.
الكتابة هي استجابة النشر لها في الحال//مقابل عبارة:"البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال"، والكتابة عندما تصير مشكلتها هي عدم استجابة النشر لها في الحال تصير بلا قيمة وبلا فائدة…
تعاطي مع الفايسبوك لا يقل أهمية عن تعاطي مدير جريدة أو موقع مع مؤسسته الإعلامية في الحرص على تقديم خدمة إعلامية منتظمة... فلدي عدد كبير من المتتبعين والمهتمين لن يمكن لي أن أقول أنهم كلهم معجبين... كل له نظرته الخاصة وقراءته لما أنشر وأدون وهو حر في ذلك... هذا دون الحديث عن أعداد أخرى من المتلصصين والمتلصصات ينتظرون مني التدوين باستمرار وإبداء رأيي المتواضع في كل القضايا... وهذه مهمة ليست سهلة بل ومحرجة في كثير من الأحيان، لكن أمارس ما استطعت بنشوة وتفان ولو على حساب الكثير من عمليات الترصد وتدبير المكائد التي ينسج خيوطها لاضطهادي أو الإطاحة بي، أو تشويه سيرتي وسمعتي سواء من جهات مسؤولة أو هيئات من المجتمع المدني إن المنظم أو الغير المنظم.
الفايسبوك بالنسبة لي خيار تواصلي أبذل في سبيله الكثير من الجهد والوقت على حساب العائلة والبحث والراحة وعدد من الالتزامات، للمساهمة في بناء رأي عام والضغط من أجل تشجيع أو منع تمرير قرارات وسياسات عمومية، ونقل الخبر والتعليق عليه.
كثيرون منا من ينعتون ب"لحاسين الكابة؟" أو ب"المشاغبين؟" أو ب"العياشة؟" أو ب"الأقلام المأجورة؟" وحتى أحيانا يتم تصنيفهم في خانة المغضوب عليهم "..." أو غيرها من النعوت التي يجتهد أصحابها برميهم بسهام الإحباط وإصابة أقلامهم بالشلل.. وحتى أحيانا يتخذ موقف عسير ضد كتاباتهم ونشراتهم موقفا ومعتبرا إياهم ب"السوداويين"، بل حتى ان منه من يتم تصنيفهم في خانة المغضوب عليهم بما تسمى ب"اللائحة السوداء".
أستغرب، ولا أظن أن أحدا سيقاضيني عن استغرابي فعلى حد علمي الاستغراب ليس بجريمة يعاقب عليها القانون...ويزيد استغرابي عندما يسعى البعض لتجريدك من حق الكتابة فتركب عنادك كي لا ينكسر قلمك!..
من هنا المنطلق أود أن أوضح بأن الكتابة أو النشر في المنابر الإعلامية أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي إن كانت موضوعية ومنسجمة مع الضوابط والأخلاق الصحفية ولها مهتمين ومتتبعين لها ومتشوقين لكل نشرة جديدة من قلم انشغلوا بمواكبة نشراته وترقبوها بكل شوق كل حين فإن هذا الاهتمام يعلن بأن الكتابة ليست مهنة من لا مهنة له، وليست هواية بعد عناء عمل، وليست فسحة لاستهلاك الوقت الثالث...
هوس الكتابة الذي سكنني ما فوق الثلاث عقود والنصف من الآن والتيه في أجناس صحفية والتنقل تحت ضغط الإكراهات بين عدد من المنابر الإعلامية الوطنية قبل ظهور الإعلام الرقمي هو حقنة من غير إرادة وبلا ممرض أو ممرضة مختصة في تقديمها كوصفة علاج...
أذكر بأني ذات مرة تلقيت تعليقا من أحد الأصدقاء بالعالم الأزرق حيث كتب يقول:"عندما سئل أدونيس ضمن سؤال طرح على مائة كاتب، لماذا تكتب؟... أجاب:"أكتب لأدون ما قاله الله ولم يكتبه... الكتابة مسؤولية... وعدم الكتابة هي أيضا مسؤولية وربما أخطر.. فإذا كان الله قد أمرنا بالقراءة...فلعله يقصد الكتابة...لأن أصل القراءة كتابة."
هو غيض من فيض عن سيرة ومسيرة القلم وما يسطر، فكثيرا ما سألتني زوجتي وكذلك أهلي وأقربائي ومعارفي وأصدقائي عن المقابل الذي أتقاضاه عن هذه الكتابات الصحافية التي أنكب عليها كل يوم/، وكم كانت نظرتهم لي مقززة حين صارحتهم أنني لا أتقاضى أية تعويضات بل فاجأتهم بالأرقام عن الخسائر المادية والصحية والمعاناة التي نتكبدها كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة، بل إني كثيرا ما كنت أتلقى عتابا من زوجتي وأبنائي على أن لهم الحق في الوقت الذي أقضيه في القراءة والكتابة،.. و كانت دوما إجاباتي لا تحيد عن ان عملي هذا عمل نضالي وأن الجزاء الأوفر هو رضا الله سبحانه و تعالى و رضا القراء الكرام ومحاولة المساهمة في إثارة قضايا محيطي المجتمعي والمساهمة في إيجاد حلول لها لدى كل المؤسسات المعنية، و أضفت أن تعاليق القراء على كتاباتي غالبا ما تكون قاسية ومحشوة باتهامات مبطنة وملاحظات غير مؤدبة في شتى المواضيع التي أكتبها، ورغم ذلك أتقبلها بصدر رحب لأنها رغم قسوتها تبقى سندا لي وهواء أتنفسه مع قرائي ..من الطرائف التي رافقت مساري مع الكتابة كنت أحيانا موضع نقاش وخلاف ولو ودي مع مولات الدار عندي، طريفة لازالت راسخة في ذهني \لك الحوار الذي دار بيني وبينها هو أنها ذات مرة قالت في استغراب:...أو مالك أ سيدي على هاد الحال ؟– فأجبتها: هاذي أ مولاتي كانسميوها حنا فالصحافة البلية!... فكان ردها عنيفا:– تبلا بعدا غي بشي حاجا فيها الفضل، تعاونك على الزمان؟– قلت لها:اللهم هاذ البلية ولا العصير فشي قهاوي ديال التبركيك من نوع خاص... أو نبقى مقابل هاذي غليضة.. هاذي رقيقة.. هادي قوقة ..هاذي بالسروال... هاذي (..) حتى نطيح ليك فشي شبكة الله يحفظ!!.. ياخليني مكمش حداك مادام الوقت عولمة وكلشي معاك متواصل بلا محنة التجوال والتقواص في الركاني حتى يعفو الله من هاذ الشوكة– خلصت النقاش بالقول:عندك الحق اللهم الدار ولا الزنقة .. يا لا يزيغو عينيك ألسي لفقيه .. وفي انتظار الله يعفو عليك.
********************************************************
&&& توضيح لكل غاية مفيدة:
وقد انتهيت من كتبة هذه التدوينة، أود التذكير بالقول الكريم الصحيح للآية التي استلهمت منها عنوان المادة وربطت فيا القلم بياء المتكلم، أنه من بين ما جاء في أحاديث نبوية مفسرة للآية الكريمة، قول رسول الله- صلى الله عليه وسلم
-:"إن أول ما خلق الله القلم والحوت، قال للقلم:"اكتب".
- قال القلم:ماذا أكتب؟
- قال:كل شيء كائن إلى يوم القيامة".
- ثم قرأ:( ن والقلم وما يسطرون (
- فالنون:الحوت، والقلم:القلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق